الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **
1 - عن عائشة قالت (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ان أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم) رواه أخمسة وفي لفظ (ولد الرجل من أطيب كسبه فكلوا من أموالهم هنيئا) رواه أحمد. 2 - وعن جابر (أن رجلا قال يا رسول اللّه إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال أنت ومالك لأبيك) رواه ابن ماجه. 3 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (أن أعرابيا أتى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال إن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال أنت ومالك لوالط إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا) رواه أحمد وأبو داود وقال فيه (إن رجلا أتى النبي فقال إن لي مالا وولدا وإن والدي) الحديث. حديث عائشة أخرجه أيضا ابن حبان في صحيحه والحاكم ولفظ أحمد أخرجه أيضا الحاكم وصححه أبو حاتم وأبو زرعة واعله ابن القطان بأنه من عمارة عن عمته وتارة عن أمه وكلتاهما لا يعرفان. وزعم الحاكم في موضع من مستدركه بعد أن أخرجه من طريق حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة بلفظ (أموالهم لكم إذا احتجتم إليها) أن الشيخين أخرجاه باللفظ الأول الذي فيه الأمر بالأكل من أموال الأولاد ووهم في ذلك فإنهما لم يخرجاه. وقال أبو داود زيادة (إذا احتجتم إليها منكرة) ونقل عن ابن المبارك عن سفيان قال حدثني به حماد ووهم فيه. وحديث جابر قال ابن القطان إسناده صحيح. وقال المنذري رجال ثقات. وقال الدارقطني تفرد به عيسى بن يونس بن أبي إسحاق وطريق أخرى عند الطبراني في الصغير والبيهقي في الدلائل فيها قصة مطولة. وحديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضا ابن خزيمة وابن الجارود. ـ وفي الباب ـ عن سمرة عند البزار وعن عمر عند البزار أيضا. وعن ابن مسعود عند الطبراني. وعن ابن عمر عند أبي يعلى وبمجموع هذه الطرق ينتهض للاحتجاج فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله فيجوز له الأكل منه سواء أذن الولد أو لم يأذن يجوز له أيضا أن يتصرف به كما يتصرف بماله ما لم يكن ذلك على وجه السرف والسفه وقد حكى في البحر الإجماع على أنه يجب على الولد الموسر مؤنة الأبوين المعسرين. قوله: (يريد أن يجتاح) بالجيم بعدها فوقية وبعد الألف حاء مهملة وهو الأستئصال كالاجاحة ومن الحائجة للشدة المجتاحة للمال كذا في القاموس. قوله: (أنت ومالك لأبيك) قال ابن رسلان اللام للإباحة لا للتمليك فإن مال الولد له وزكاته عليه وهو موروث عنه.
1 - عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال (العمري ميراث لأهلها أو قال جائزة) متفق عليه. 2 - وعن يزيد بن ثابت قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من أعمر عمري فهي لمعمره محياه ومماته لا ترقبوا من أرقب شيئا فهي سبيل الميراث) رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وفي لفظ (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال الرقبى جائزة) رواه النسائي. وفي لفظ (جعل الرقبى للذي أرقبها) رواه أحمد والنسائي. وفي لفظ (جعل الرقبى للوارث) رواه أحمد. 3 - وعن ابن عباس قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم العمري جائزة لمن أعمرها والرقبى جائز لمن أرقبها) رواه أحمد والنسائي. 4 - وعن ابن عمر قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو له حياته ومماته) رواه أحمد والنسائي. 5 - وعن جابر قال (قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بالعمري لمن وهبت له) متفق عليه. وفي لفظ (قال أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها فمن أعمر عمري فهي للذي أعمر حيا وميتا ولعقبه) رواه أحمد ومسلم. وفي رواية قال (العمري جائزة لاهلها والرقبى جائزة لاهلها) رواه الخمسة. وفي رواية (من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه فقد قطع قوله حقه فيها وهي لمن أعمر وعقبه) رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه . وفي رواية (قال إيما رجل أعمر عمري له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه. وفي لفظ عن جابر (إنما العمري التي أجازها رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أن تقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها) رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وفي رواية (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قضى بالعمري أن يهب الرجل للرجل ولعقبه الهبة ويستثنى أن حدث بكل حدث ولعقبك فهي إلى وإلى عقبى أنها لمن أعطيها ولعقبه) رواه النسائي. 5 - وعن جابر أيضا (أن رجلا من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخيل حياتها فماتت فجاء أخوته فقالوا نحن فيه شرع سواء قال فأبى فاحتصموا إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقسمها بينهم ميراثا) رواه أحمد . حديث زيد بن ثابت أخرجه أيضا ابن ماجه وابن حبان وحديث ابن عباس قال الحافظ في الفتح إسناده صحيح وحديث ابن عمر هو من طريق ابن جريج عن عطاء عن حبيب بن أبي ثابت عنه وقد اختلف في سماع حبيب من ابن عمر فصرح به النسائي ورجال إسناده ثقات. وحديث جابر الآخر أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري. وقال ابن رسلان في شرح السنن ما لفظه هذا الحديث رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اه ويشهد لصحته أحاديث الباب المصرحة بأن المعمر والمرقب يكون أولى بالعين في حياته وورثته من بعده. ـ وفي الباب ـ عن سمرة عند أحمد وأبي داود والترمذي وهو من سماع الحسن عنه وفيه مقال كما تقدم. قوله:(العمري) بضم العين المهملة وسكون الميم مع القصر. قال في الفتح وحكى ضم الميم مع ضم أوله وحكى فتح أوّله مع السكون وهي مأخوذة من العمر وهو الحياة سميت بذلك لأنهم كانوا في الجاهلية يعطي الرجل الرجل الدار ويقول له أعمرتك أياها أي أبحتا لك مدة عمرك وحياتك فقيل لها عمري لذلك. والرقبي بوزن العمرى مأخوذة من المراقبة لأن كلا منهما يراقب الآخر متى يموت لترجع إليه وكذا ورثته يقومون مقامه هذا أصلها لغة. قال في الفتح ذهب الجمهور إلى أن العمري إذا وقعت كانت ملكا للآخر ولا ترجع إلى الأول الا إذا صرح باشتراط ذلك وإلى أنها صحيحة جائزة وحكى الطبري عن بعض الناس والماوردي عن داود وطائفة وصاحب البحر عن قوم من الفقهاء أنها غير مشروعة ثم اختلف القائلون بصحتها إلى ما يتوجه التمليك فالجمهور أنه يتوجه إلى الرقبة كسائر الهبات حتى لوكان المعمر عبدا فأعتقه الموهوب له نفذ بخلاف الواهب وقيل يتوجه إلى المنفعة دون الرقبة وهو قول مالك والشافعي في القديم وهل يسلك بها مسلك العارية أو الوقف روايتان عند المالكية وعند الحنفية التمليك في العمري يتوجه إلى الرقبة وفي الرقبى إلى المنفعة وعنهم أنها باطلة وقد حصل من مجموع الروايات ثلاثة أحوال. الأول أن يقول أعمرتكها ويطلق فهذا تصريح بأنها للموهوب له وحكمها حكم المؤبدة لا ترجح إلى الواهب وبذلك قالت الهادوية والحنفية والناصر ومالك لأن المطلقة عندهم حكمها حكم المؤبدة وهو أحد قولي الشافعي والجمهور وله قول آخر أنها تكون عارية ترجع بعد الموت إلى المالك وقد قضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بأن المطلقة للمعمر ولورثته من بعده كما في أحاديث الباب. الحال الثاني أن يقول هي لك ما عشت فإذا مت رجعت إلى فهذه عارية مؤقتة ترجع إلى المعيير عند موت المعمر وبه قال أكثر العلماء ورجحه جماعة من الشافعية والأصح عند أكثرهم لا ترجع إلى الواهب واحتجوا بأنه شرط فاصد فيلغى واحتجوا بحديث جابر الأخير فإن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم حكم على الأنصاري الذي أعطى أمه الحديقة حياتها أن لا ترجع إليه بل تكون لورثتها. ويؤيد هذا الحدي الرواية التي قبله أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قضى في العمري مع الأستثناء بأنها لمن أعطيها ويعارض ذلك ما في حديث جابر أيضا المذكور في الباب بلفظ (فأما إذا قلت هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها) ولكنه قال معمر كان الزهري يفتي به ولم يذكر التعليل وبين من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري أن التعليل من قول أبي سلمة. قال الحافظ وقد أوضحته في كتاب المدرج. ـ والحاصل ـ إن الروايات المطلقة في أحاديث الباب تدل على أن العمري والرقبى تكون للمعمر والمرقب ولعقبه سواء كانت مقيدة بمدة العمر أو مطلقة أو مؤيدة ويؤيد ذلك الروايتان المتقدمتان في دليل من قال إن المقيدة بمدة الحياة لها حكم المؤبدة وهذا الرواية القاضية بالفرق بين التقييد بمدة الحياة وبين الإطلاق والتأييد معلوة بالأدراج فلا تنتهض تقييد المطلقات ولا لمعارضة ما يخالفها. الحال الثالث أن يقول هي لك ولعقبك من بعدك أو يأتي بلفظ يشعر بالتأبيد فهذه حكمها حكم الهبة عند الجمهور وروى عن مالك أنه يكون حكمها حكم الوقف إذا انقرض المعمر وعقبه رجعت إلى الواهب وأحاديث الباب القاضية بأنها ملك للموهوب له ولعقبه ترد عليه. قوله (فهي لمعمره) بضم الميم الأولى وفتح الثانية اسم مفعول من أعمر. قوله (محياه ومماته) بفتح الميمين أي مدة حياته وبعد موته. قوله (لاتعمروا) الخ. قال القرطبي لا يصح حمل هذا النهي على التحريم لصحة الأحاديث المصرحة بالجواز. وقيل أن النهي يتوجه إلى اللفظ الجاهلي لأن الجاهلية كانت تستعملها كما تقدم. وقيل النهي يتوجه إلى الحكم ولا ينافي الصحة وفيه نظر لأن معنى النهي حقيقة التحريم المسلتزم للفساد المرادف للبطلان الا أن يحمل على الكراهة بقرينه قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم العمري جائزة. قوله:(فمن أعمر) بضم الهمزة وكذا قوله أو أرقبه). قوله (ولعقبه) بكسر القاف وسكونها للتخفيف والمراد ورثته الذين يأتون بعده. قوله:(حديقة) هي البستان يكون عليه الحائط فعليه بمعنى مفعولة لأن الحائط أحدق بها أي أحاط ثم توسعوا حتى أطلقوا الحديقة على البستان وإن كان بغير حائط. قوله:(شرع) بفتح الشين المعجمة والراء أي سواء. ذكر معنى ذلك في القاموس.
1 - عن عائشة رضي اللّه عنها قالت (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا انفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا) رواه الجماعة. 2 - وعن أبي هريرة قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها عن غير أمره فله نصف أجره) متفق عليه. ورواه أبو داود وروي أيضا عن أبي هريرة موقوفا (في المرأة تصدق من بيت زوجها قال لا الا من قوتها والأجر بينهما ولا يحل أن تصدق من مال زوجها إلا بأذنه) 3 - وعن أسماء بنت أبي بكر أنها (قالت يا رسول اللّه ليس لي شيء إلا ما ادخل علي الزبير فهل علي جناح أن أرضخ مما يدخل على فقال أرضخي ما أستطعت ولا توعي فيوعى اللّه عليك) متفق عليه. وفي لفظ عنها (أنها سألت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ان الزبير رجل شديد ويأتيني المسكين فأتصدق عليه من بيته بغير أذنه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ارضخي ولا توعي فيوعى اللّه عليك) رواه أحمد. أثر أبي هريرة الموقوف عليه سكت عنه أبو داود والمنذري وإسناده لا بأس به. ومحمد بن سوار وثقه ابن حبان وقال يغرب. ـ وفي الباب ـ عن أبي أمامة عند الترمذي وحسنه قال (قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لا تنفق المرأة من بيت زوجها الا بأذنه قيل يا رسول اللّه ولا الطعام قال ذلك أفضل أموالنا). قوله (إذا انفقت المرأة) الخ قال ابن العربي اختلف السلف فيما إذ تصدقت المرأة من بيت زوجها فمنهم من أجازه لكن في الشيء اليسير الذي لا يؤبه له ولا يظهر به النقصان ومنهم من حمله على ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الاجمال وهو اختيار البخاري واما التقييد بغير الأفساد فمتفق عليه. ومنهم من قال المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال في مصالحه وليس ذلك بأن ينفقوا علي الغرباء بغير أذن. ومنهم من فرق بين المرأة فقال المرأة لها حق مال الزوج والنظر فجاز لها أن تتصدق بخلاف الخادم فليس له تصرف في متاع مولاه فيشترط الأذن فيه. قال الحافظ وهو متعقب بأن المرأة ان استوفت حقها فتصدقت منه فقد تخصصت به وإن تصدقت من غير حقها رجعت المسألة كما كانت. قوله (وللخازن) في رواية للبخاري من حديث أبي موسى التقييد بكون الخازن مسلما فأخرج الكافر لكونه لانية له وبكونه أمينا فأخرج الخائن لأنه مأزور وتكون نفسه بذلك طيبة لئلا تعدم النية فيفقد الأجر وهي قيود لا بد منها. قوله: (مثل ذلك) ظاهره يقتضي تساويهم في الأجر ويحتمل أن يكون المراد بالمثل حصول الأجر في الجملة وإن كان أجر الكاسب أوفر لكن قوله في حديث أبي هريرة فله نصف أجره يشعر بالتساوي. قوله: (لا ينقص بعضهم) الخ المراد عدم المساهمة والمزاحمة في الأجر ويحتمل أن يراد مساواة بعضهم بعضا. قوله (عن غير أمره) ظاهر هذه الرواية أنه يجوز للمرأة أن تنفق من بيت زوجها بغير إذنه ويكون لها أوله نصف أجره على اختلاف النسختين كما سيأتي وكذلك ظاهر رواية أحمد المذكورة في حديث أسماء ولكن ليس فيها تعرض لمقدار الأجر ويمكن أن يقال يحمل المطلق على المقيد ولا يعارض ذلك قول أبي هريرة المذكور في الباب لأن أقوال الصحابة ليست بحجة ولا سيما إذا عارضت المرفوع وإنما يعارضه حديث أبي أمامة الذي ذكرناه فإن ظاهره نهى المرأة عن الانفاق من مال الزوج إلا بأذن والنهي عن حقيقة في التحريم والمحرم لا يستحق فاعله عليه ثوابا ويمكن أن يقال أن النهي للكراهة فقط والقرينة الصارفة إلى ذلك حديث أبي هريرة وحديث أسماء وكراهة التنزيه لا تنافي الجواز ولا تستلزم عدم استحقاق الثواب. قال في الفتح والأولى أن يحمل يعني حديث أبي هريرة على ما إذا أنفقت من الذي يخصها إذا تصدقت به بغير استئذانه فإنه يصدق كونه من كسبه فيؤجر عليه وكونه بغير أمره ويحتمل أن يكون اذن لها بطريق الأجمال لكن انتفى ما كاه بطريق التفصيل قال ولا بد من الحمل على أحد هذين المعنيين وإلا فحيث كان من ماله بغير إذنه لا اجمالا ولا تفصيلا فهي مأزورة بذلك لا مأجورة وقد ورد فيه حديث ابن عمر عند الطيالسي وغيره اه. قوله (فله نصف أجره) هكذا في رواية للبخاري. وفي رواية أخرى (فلها نصف أجره) وعلى النسخة الأولى يكون للرجل الذي تصدقت امرأته من كسبه بغير إذنه نصف أجره على تقدير وقوع الأذن منه لها وعلى النسخة الثانية يكون للمرأة المتصدقة بغير أذن زوجها نصف أجرها على تقدير أذنه له. قال في الفتح أو المعنى بالنصف أن أجره وأجرها إذا جمعا كان لها النصف من ذلك فلكل منهما أجر كامل وهما أثنان فكأنهما نصفان. قوله: (إن أرضخ) بالصاد والخاء المعجمتين قال في القاموس رضخ له أعطاه عطاء غير كثير. قوله (ولا توعى فيوعي اللّه عليك) بالنصب لكونه جواب النهي والمعنى لا تجمعي في الوعاء وتبخلى بالنفقة فتجازى بمثل ذلك. 4 - وعن سعد قال (لما بايع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم النساء قالت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر يا نبي اللّه أنأكل على آبائنا وأبنائنا) قال أبو داود وأرى فيه (وأزواجنا فما يحل لنا من أموالهم قال الرطب تأكلنه وتهدينه). رواه أبو داود. وقال الرطب الخبز والبقل والرطب. 5 - وعن جابر قال شهدت العيد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا أقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى اللّه وحثه على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن وقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول اللّه قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشيرة قالت فجعلن يتصدقن من حلبهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن) متفق عليه. حديث سعد سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح إلا محمد بن سوار وقد وثقه ابن حبان وقال يغرب. قوله: (قال الرطب) بفتح الراء وسكون الطاء المهملة والرطب المذكور آخرا بضم الراء وفتح الطاء. قال في القاموس الرطب ضد اليابس ثم قال وبضمة وبضمتين الرعي الأخضر م البقل والشجر قل وثمر رطيب مرطب وارطب النخل حاو أوان رطبه. وفي الحديث دليل على أنه يجوز للمرأة أن تأكل من مال ابنها وأبيها وزوجها بغير أذنهم وتهادي ولكن ذلك مختص بالأمور المأكولة التي لا تدخر فلا يجوز لها أن تهادي بالثياب والدارهم والدنانير والحبوب وغير ذلك. وقوله (إناكل) بكسر الهمزة وتشديد النون وكل بفتح الكاف وتشديد اللام خير أن أي نحن عيال عليهم ليس لنا من الأموال ما ننتفع به. قوله: (فقامت امرأة) قال الحافظ لم أقف على تسمية هذه المرأة الا أنه يختلج في خاطري أنا أسماء بنت يزيد بن السكن التي تعرف بخطيبة النساء فإنها روت أصل هذه القصة في حديث أخرجه البيهقي والطبراني وغيرهما بلفظ (خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى النساء وأنا معهن فقال يامعشر النساء إنكن أكثر حطب جهنم فناديت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وكنت عليه جريئة ولم يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير) فيبعد أن تكون هي التي أجابته فإن القصة واحدة. قوله:(من سطة النساء) أن من خيارهن والسفعاء التي في خذها غبرة وسواد. والعشير المراد به ههنا الزوج. والحديث فيه فوائد منها ما ذكره المصنف ههنا لأجله وهو جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقف على أذن زوجها أو على مقدار معين من مالها كالثلث. ووجه الدلالة من القصة ترك الاستفصال عن ذلك كله. قال القرطبي ولا يقال في هذا أن أزواجهن كانوا حضورا لأن ذلك لم ينقل ولو نقل فليس ليه تسليم أزواجهن لهن ذلك فإن من ثبت له حق فالأصل بقاؤه حتى يصرح باسقاطه ولم ينقل أن القوم صرحوا بذلك وسيأتي الخلاف في ذلك قريبا. ومنها أن الصدقة من دوافع العذاب لانه أمرهن بالصدقة ثم علل بأنهن أكثر أهل النار لما يقع منهن من كفران النعم وغير ذلك. ومنها بذل النصيحة والإغلاظ بها بمن احتيج إلى ذلك في حقه. ومنها جواز طلب الصدقة من الأغنياء للمحتاجين ولو كان الطالب غير محتاج. ومنها مشروعية وعظ النساء وتعليمهن أحكام الأسلام وتذيرهن بما يجب عليهن وحثهن على الصدقة وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد ومحل ذلك كله إذا أمنت الفتنة والمفسدة. 6 - وعن عبد اللّه بن عمرو (أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لا يجوز للمرأة عية الا بأذن زوجها) رواه أحمد والنسائي وأبو داود. وفي لفظ (لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها) رواه الخمسة إلا الترمذي. الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وقد أخرجه البيهقي والحاكم في المستدرك وفي إسناده عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وحديثه من قسم الحسن وقد صحح له الترمذي أحاديث ومن دون عمرو بن شعيب هم رجال الصحيح عند أبي داود. ـ وفي الباب ـ عن خيرة امرأة كعب بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم نحوه. قوله (أمر) أي عطية من العطايا ولعله عدل عن العطية إلى الأمر لما بين لفظ المرأة والأمر من الجناس الذي هو نوع من أنواع البلاغة. وقد استدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز للمرأة أن تعطي من مالها بغير أذن زوجها ولو كانت رشيدة وقد اختلف في ذلك فقال الليث لا يجوز لها ذلك مطلقا الا في الثلث ولا فيما دونه الا في الشيء التافه. وقال طاوس ومالك أنه يجوز لها أن تعطي مالها. بغير أذنه في الثلث لا فيما فوقه فلا يجوز الا بأذنه وذهب الجمهور إلى أنه يجوز لها مطلقا من غير أذن من الزوج إذا لم تكن سفيهة فإن كانت سفيهة لم يجز. قال في الفتح وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة كثيرة انتهى. وقد استدل البخاري في صحيحه على جواز ذلك بأحاديث ذكرها في باب هبة المرأة لغير زوجها من كتاب الهبة ومن جملة أدلة الجمهور حديث جابر المذكور قبل هذا وحملوا حديث الباب على ما إذا كانت سفيهة غير رشيدة وحمل مالك أدلة الجمهور على الشيء اليسير وجعل حده الثلث فما دونه ومن جملة أدلة الجمهور الأحاديث المتقدمة في أول الباب القاضية بأنه يجوز لها التصديق من مال زوجها بغير أذنه وإذا جاز لها ذلك في ماله بغير أذنه فبالأولى الجواز في مالها والأولى أن يقال يتعين الأخذ بعموم حديث عبد اللّه بن عمرو وما ورد من الواقعات المخالفة له تكون مقصورة على مواردها أو مخصصة لمثل من وقعت له من هذا العموم وأما مجرد الاحتمالات فليست مما تقوم به الحجة.
1 - عن عمير مولى آبي اللحم قال (كنت مملوكا فسألت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أتصدق من مالي مولاي بشيء قال نعم والأجر بينكما) رواه مسلم. 2 - وعنه قال (أمرني مولاي أن أقدر لحما فجاءني مسكين فأطعمته منه فضربني فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فذكرت له ذلك فدعاه فقال لم ضربته فقال يعطى طعامي من غير أن آمره فقال الأجر بينكما) رواه أحمد ومسلم والنسائي. 3 - وعن سلمان الفارسي قال (أتيت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم بطعام وأنا مملوك فقلت هذه صدقة فأمر أصحابه فأكلوا ولم يأكل ثم أتيته بطعام فقلت هذه هدية أهديتها لك أكرمك بها فأني رأيتك لا تأكل الصدقة فأمر أصحابه فأكلوا وأكل معهم) رواه أحمد. 4 - وعن سلمان قال (كنت استأذنت مولاي في ذلك فطيب لي فأحتطبت حطبا فبعته فأشتريت ذلك الطعام) رواه أحمد. حديث سلمان الأول في إسناده ابن إسحاق وبقية رجاله رجال الصحيح وحديث سلمان الثاني في إسناده أبو مرة سلمة بن معاوية: قال في مجمع الزوائد ولم أجد من ترجمه انتهى. ويشهد لصحة معناه ما في صحيح البخاري من حديث عائشة قالت (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أتي بطعام يسأل أهدية أم صدقة فإن قيل صدقة قال لاصحابه كلوا وإن قيل هدية ضرب بيده فأكل معهم) والأحاديث في هذا الباب كثيرة. قوله:(قال نعم والأجر بينكما) فيه دليل على أنه يجوز للعبد أن يتصدق من مال مولاه وأنه يكون شريكا للمولى في الأجر وقد بوب البخاري في صحيحه لذلك فقال باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه. وقال أبو موسى عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هو أحد المتصدقين ثم أورد حديث عائشة قالت (قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما كسب وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض) قال ابن رشد نبه يعني البخاري بالترجمة على أن هذا الحديث مفسر لها لأن كلا من الخازن والخادم والمرأة أمين ليس له أن يتصرف الا بأذن المالك نصا أو عرفا اجمالا أو تفصيلا انتهى. ولكن الرواية الأخرى من الحديث مشعرة بأن يكتب للعبد أجر الصدقة وإن كان بغير أذن سيده لأن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم حكم بأن الأجر بينهما بعد أن قال له سيد العبد أنهي يعطى طعامه من غير أمره. قوله: (إن أقدر لحما) بفتح الهمزة وسكون القاف وكسر الدال المهملة أي اجعله في القدر والقدير والقادر ما يطبخ في القدر ويطلق على القسمة قال في القاموس قدر الرزق قسمه وقال أيضا قدرته أقدره قدارة هيأت ووقت وآبي اللحم المذكور هو بالمد مزنة فاعل من الاباء وقد قدمنا في هذا الشرح التنبيه على ذلك وإنما أعدناه ههنا لكثرة التباسه.
|